• السعودية تحصل على ثالث أدنى عائد لسندات دولارية أربعينية في الأسواق

    03/02/2021

    ​علمت "الاقتصادية" من مصادر حكومية قريبة من المركز الوطني لإدارة الدين، أن الإصدار الدولاري الذي تم إغلاقه أواخر الأسبوع الماضي، أسهم في إحكام حصول المملكة على عوائد ثابته متدنية للاستحقاقات التي يحين أجل سدادها في 2033 و2061.
    وجاء التسعير النهائي للعوائد السنوية الخاصة بإصدار خمسة المليارات دولار عند 2.25 في المائة لشريحة الـ12 عاما، وكذلك 3.45 في المائة للسندات الأربعينية التي تصدرها السعودية للمرة الثانية في تاريخها.
    وأظهر تحليل أجرته وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية" على الإصدارات الأربعينية لحكومات الأسواق الناشئة والمتطورة، أن السعودية حصلت على ثالث أقل عائد دولاري بـ3.45 في المائة من بين تسع جهات إصدار لديها سندات دولارية قائمة.
    فيما حصلت البيرو على المرتبة الأولى من حيث العائد الأدنى بـ2.7 في المائة متبوعة بتشيلي بنحو 3.10 في المائة، وكلتاهما مُصدرتان من أمريكا اللاتينية، التي تتمتع بانخفاض الهوامش الائتمانية بحكم بعد المنطقة عن المخاطر الجيوسياسية.
    وأضافت المصادر المطلعة على ملف الاستدانة، أن "الشريحتين المزدوجتين اللتين وقع الاختيار عليهما أسهمتا معا في إطالة متوسط أجل الاستحقاق لمحفظة الدين".
    وشدد المركز الوطني لإدارة الدين خلال وثيقة خطة الإقراض السنوية له على أنه سيقوم أثناء أنشطته التمويلية بالحفاظ بعناية على متوسط أجل استحقاق الدين العام للمملكة والحد من مخاطر إعادة التمويل، علما بأن متوسط أجل الاستحقاق لمحفظة الدين ارتفع ليصل إلى 9.4 عام في نهاية عام 2020 مقارنة بـ8.7 عام في عام 2019.
    ويقيم المصرفيون العاملون في أسواق الدخل الثابت نجاح الإصدارات عبر عدة جوانب أهمها الجانب التسعيري وكيفية إدارته من جهات الإصدار.
    وحول عدم اختيار السعودية شريحة الـ50 عاما بعد ظهورها للمرة الأولى في المنطقة مع إصدارات جهتين خليجيتين، بينت المصادر الحكومية القريبة من استراتيجية إدارة الدين العام أن اختيار شريحة الـ50 يخضع لظروف السوق، وفي الوقت الحالي تم تفضيل الذهاب مع شريحة الـ40 عاما.
    وعلمت "الاقتصادية" أن تاريخ تسوية السندات وبدء تداولها الرسمي في بورصة لندن كان خلال أمس.
    واستند مسح "الصحيفة" إلى قاعدة البيانات التابعة لكل من IHS Markit للخدمات المالية وكذلك منصة سي بوندز" Cbonds التي يستعين العاملون في أسواق الدخل الثابت بمنصتها من أجل تتبع حركة مؤشرات أسواق الائتمان العالمية.

    تحليل الجانب التسعيري

    خلص رصد لـ"الاقتصادية" إلى أن السعودية تمكنت من تسعير سنداتها داخل منحنى العائد السيادي الخاص بها، لتسهم الاستراتيجية المتبعة خلال الجولات التسعيرية الثلاث خلال مراحل استقبال طلبات المستثمرين في تجنيب خزانة الدولة دفع علاوة إصدار.
    وأظهر الرصد أن القيمة العادلة للهوامش الائتمانية لشريحة الـ40 عاما كان ما بين 206 إلى 202 نقطة أساس، إلا أن الهامش النهائي جاء عند 164.4 نقطة أساس، الأمر الذي يعني أن الشريحة تم تسعيرها بخصم دون القيمة العادلة، وهذا الأمر في مصلحة خزانة الدولة، حيث امتزجت الاستراتيجية التسعيرية بالجسارة مع هذه الشريحة بعد أن تم ضغط الهوامش الائتمانية لمستويات استثنائية.
    أما بخصوص الشريحة الدولارية الأخرى، فقد كشف رصد "الصحيفة" للقيمة العادلة لشريحة 12 عاما كان ما بين 133 إلى 129 نقطة أساس إلا أن التسعير النهائي جاء عند 130 نقطة أساس فوق سندات الخزانة الأمريكية، وذلك في مؤشر بأن الشريحة تم تسعيرها بالقيمة العادلة أو ما دونها بقليل.
    وتعني تلك المعطيات مجتمعة أن الأسعار الحالية تظهر أن السعودية حصلت تكلفة استدانة متدنية تعادل مستويات ما قبل أزمة كورونا، وهذا مؤشر في حد ذاته على ثقة المستثمرين بجودة الجدارة الائتمانية للمملكة.
    يذكر أن المملكة حاصلة على تصنيف "A1" وهذا التصنيف يعد خامس أعلى تصنيف من بين درجات التصنيف التي يصل تعدادها إلى 24 درجة.
    وتكمن أهمية التصنيفات الائتمانية في أنها تتيح للمستثمرين مقارنة وتقييم جودة الإقراض لمُصدري السندات، إضافة إلى تحديد نطاق الهامش الائتماني لجهة الإصدار.

    استراتيجية الإصدار

    تمثلت استراتيجية المملكة بشكل أساسي في اختيار التوقيت المثالي للإصدار في ظرف ساعات محدودة، الذي نتج على إثره تجنب دفع علاوة إصدار، خلال الوقت الذي تواجه فيه الاقتصادات المتقدمة والناشئة تبعات الجائحة.
    وبرهنت السعودية وهي تغلق إصدارها الدولاري في الأيام الماضية على ثقة المستثمرين الدوليين بمتانة اقتصادها وقدرة أكبر اقتصادات المنطقة على تجاوز تبعات الجائحة.
    وتعني "علاوة طرح إصدار جديد" بين مصرفي أدوات الدخل الثابت أن جهة الإصدار في الأوقات الطبيعية ينتظر منها أن تدفع علاوة إصدار فوق القيمة العادلة ما بين خمس إلى 15 نقطة أساس، وفي بعض الحالات يتم الإصدار بدون علاوة أو يتم تسعير الإصدار داخل القيمة العادلة لمنحنى العائد الخاص بجهة الإصدار.
    إلا أنه بعد أزمة كوفيد - 19 المالية، أصبحت جهات الإصدار تدفع علاوة سعرية غير طبيعية وباهظة من أجل الاستدانة في هذه الأوقات العصيبة، ولا سيما خلال الأشهر الأولى من بداية الجائحة.
    وأسهم الأداء الجيد والمتواصل لأسعار أدوات الدين السعودية المدرجة في البورصات العالمية والمقترن بوجود نافذة إصدار موائمة في هذه الأوقات في الأسواق العالمية في دفع العاملين في المركز الوطني لإدارة الدين، بالنيابة عن وزارة المالية، إلى اتخاذ قرار الإصدار السريع الذي يتم إغلاقه تقليديا في أقل من 20 ساعة.
    واستندت تحليلات "الاقتصادية" حول التسعير بشقيه المتعلقين بالهوامش الائتمانية والعوائد النهائية للإصدار المزدوج للسعودية إلى عدة مصادر بيانية متخصصة في أدوات الدخل الثابت كمنصة "بوند إي فاليو" المالية الخاصة بتتبع أسعار أدوات، ونظيرتها "سي بوندز"، وكذلك منصة "ريد" REDD المتخصصة في التحليلات المتعمقة عن أدوات الدخل الثابت في الأسواق الناشئة.
    وقبل الإصدار الحديث للمملكة، أشارت مذكرة بحثية لبنك مورجان ستانلي إلى أنه من المرجح أن تصدر السعودية نحو 14.5 مليار دولار من أدوات الدين لهذا العام، وفق ما نقلته "بلومبيرج".
    وفي الإطار ذاته أشارت منصة "كريدت سايتس"، المتخصصة في إعداد مذكرات الأبحاث المستقلة في شؤون الائتمان، إلى أن الجهات السيادية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا استحوذت على 51 في المائة من إجمالي الإصدارات الجديدة في العام الماضي.
    وشكلت هذه المنطقة مع مُصدري الإصدارات السيادية في أمريكا اللاتينية ما يصل إلى 80 في المائة من إجمالي تلك الإصدارات البالغة 159 مليار دولار.
    وأعلن المركز الوطني لإدارة الدين في بيان الانتهاء من استقبال طلبات المستثمرين على إصداره الدولي الثامن للسندات ضمن برنامج حكومة المملكة الدولي لإصدار أدوات الدين، ووصل المجموع الكلي لطلبات الاكتتاب إلى أكثر من 22 مليار دولار، وتجاوزت نسبة التغطية أكثر من أربعة أضعاف إجمالي الإصدار.
    وبلغ إجمالي الطرح خمسة مليارات دولار بما يعادل 18.75 مليار ريال مقسمة على شريحتين كما يلي: 2.75 مليار دولار بما يعادل 10.3 مليار ريال لسندات 12 عام استحقاق عام 2033، و2.25 مليار دولار بما يعادل 8.4 مليار ريال لسندات 40 عام استحقاق عام 2061.

    إدارة الاستحقاقات

    أظهر رصد وحدة التقارير الاقتصادية أن شرائح سندات خمسة المليارات دولار تم اختيارها بدقة عالية من أجل تجنب تعريض السعودية لتراكم وتركز مدفوعات السداد خلال أعوام معينة.
    وكشف رصد الصحيفة استنادا الى بيانات منصة "فاكت ست"، أن السعودية تعمدت اختيار عامي 2033 و2061 بسبب عدم وجود استحقاقات من أدوات دين عامة واجب سدادها خلال تلك الفترة باستثناء إصدار الـ880 مليون ريال الذي تم في يناير للصكوك المقومة بالريال ذات أجل 12 عاما، وبذلك تسهم تلك الاستراتيجية في تحقيق إدارة متوازنة لمطلوبات استحقاقات الدين.
    واستمرت السعودية بمنهجيتها السابقة لإدارة دينها السيادي عندما فضلت آجال الاستحقاق الطويلة بأطروحاتها المحلية بنهاية 2020 وذلك بغرض تحقيق إدارة متوازنة لمطلوبات استحقاقات الدين التي ستجنبها تمركز تلك الإصدارات خلال فترة زمنية معينة.
    ودائما ما يولي "المركز الوطني لإدارة الدين" أهمية بارزة لمسألة اختيار آجال الاستحقاق المناسبة مع الأطروحات الجديدة، ويرجع سبب ذلك إلى توزيع استحقاقات المديونية "خدمة الدين" وتجنب تمركزها في أعوام محددة.
    ويسهم توزيع فترات خدمة الدين عبر عدد طويل من الأعوام بطريقة لا تتسبب في إحداث ضغط على خزانة الدولة عندما يحين أجل سداد عدد ضخم من أدوات الدين خلال عام مالي معين.
    يذكر أن لدى FactSet واحدة من أشهر منصات التحليلات المالية التي يستعين بها المجتمع الاستثماري العالمي من أجل تقييم الأوراق المالية وبناء القرار الاستثماري.

    أهمية مؤشرات القياس

    يتم تسعيرمعظم أدوات الدين السيادية عبر الاستعانة بمؤشر قياس وهو عوائد سندات الخزانة الأمريكية أو "وبصورة أقل" بمؤشرات "متوسط عقود المبادلة"، حيث تدخل عوائد تلك السندات مع المنظومة التسعيرية لأدوات الدين السيادية.
    وعندما تبدأ عملية بناء الأوامر الخاصة بالإصدار، يلتفت المستثمرون إلى عاملين، أولهما هو هوامش الائتمان spreads الخاصة بجهة الإصدار، وثانيهما هو معدلات مؤشر القياس، وذلك وفقا لآجال الاستحقاق المستهدفة.
    وعندما يتم دمج هذه الأرقام أي "هوامش الائتمان" مع "مؤشر القياس" يتم الحصول على العائد النهائي المعروف بـyield وذلك عندما يُغلق الإصدار، مع العلم بأن هوامش الائتمان تمر بثلاث جولات للأسعار الاسترشادية قبل أن يتم تقليص تلك الأرقام مع كل جولة، وذلك بحسب حجم إقبال المستثمرين على الإصدار.

    التعامل من موقف القوة

    ذكر محمد الجدعان وزير المالية وزير الاقتصاد والتخطيط المكلف، في العام الماضي أن المملكة تواجه الأزمة العالمية الحالية من مركز قوة، نظرا إلى قوة مركزها المالي، واحتياطياتها الضخمة، مع ديون حكومية منخفضة نسبيا.
    وأشار إلى ضرورة اتباع تدابير مالية ونقدية تسهم في تهيئة الظروف الملائمة لتحقيق انتعاش اقتصادي سريع، مع أهمية أن تكون محددة الهدف والمدة، وتتميز بالشفافية لاحتواء المخاطر المالية وأوجه الضعف إزاء تحمل الديون.
    وأكد أن جميع المبادرات التي اتخذتها الحكومة السعودية ستساعد في الحفاظ على استقرار الاقتصاد الوطني وتعزيز الثقة بقوته، مشيرا إلى أن حكومة المملكة تراقب مجمل الأوضاع من كثب، وأنها مستعدة لتقديم مزيد من الدعم إذا تطلب الأمر.

    إبطاء نمو الدين

    تستهدف السعودية تباطؤ نمو الدين العام على المدى المتوسط، وذلك استكمالا لجهود الحكومة في تعزيز كفاءة الإنفاق وتحقق مستهدفات الانضباط المالي.
    وتوقعت وزارة المالية أن يبلغ حجم الدين العام لميزانية 2020 نحو 854 مليار ريال، مقارنة بتقديرات سابقة عند 754 مليار ريال، وذلك بعد أزمة كورونا التي أثرت في اقتصادات العالم أجمع ودفعت بالدين العام فوق المستوى المستهدف، ولا سيما بعد تأكيد وزير المالية أن الحكومة ستقوم بزيادة الاقتراض هذا العام لمواجهة الجائحة.
    وتهدف السياسة المالية في السعودية إلى تحقيق التوازن بين أهداف الحفاظ على الاستقرار المالي وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام ومساندة مرحلة التحول الاقتصادي والاجتماعي التي تمر بها السعودية، وفقا لرؤية السعودية 2030.
    إلى ذلك، أشار محمد الجدعان وزير المالية خلال إعلان ميزانية 2021 إلى أن السعودية استطاعت خلال الأعوام الأربعة الماضية تحقيق ضبط مالي كبير جدا، حيث واجهت السعودية أزمة كورونا باحترافية عالية بشهادة العالم.
    وبين الجدعان أنه تم توفير أكثر من 350 مليار ريال من خلال رفع كفاءة الإنفاق منذ عام 2017 وتمكن من الحفاظ على الاقتصاد العالمي من خلال حسن إدارة أزمة الطاقة.
    وعودة إلى الدين العام، توقعت وزارة المالية لحجم إصدارات الدين عام 2020 عند 220 مليار ريال، وذلك بإجمالي إصدارات إضافة إلى الخطة المعتمدة بمقدار مائة مليار ريال.
    وتشير البيانات إلى أن معدل نمو الدين العام خلال عام 2020 يبلغ 26 في المائة مقارنة بحجم الدين خلال عام 2019، حيث أثرت الجائحة العالمية في الإيرادات والمصروفات العامة للدولة، خاصة مع تراجع أسعار النفط في حين كان المستهدف لنمو الدين العام بنحو 11.2 في المائة قبل الجائحة.
    وأكدت وزارة المالية أنه رغم تعديل سقف الدين العام من 30 في المائة كنسبة من الناتج المحلي إلى 50 في المائة لعام 2020 وعلى المدى المتوسط، إلا أنه لا يستهدف الاقتراب من هذا السقف وليس فقط عدم تجاوزه.

    مستجدات أسواق الدين الخليجية

    شهد شهر يناير عدة إصدارات دولية من جهات خليجية وسعودية، حيث بلغ إجمالي الإصدارات الدولية القادمة من الأسواق الناشئة، بما ضمنها منطقة الخليج، ما يصل إلى 23.7 مليار دولار وذلك حتى 25 يناير وفقا لبيانات شركة أبحاث الائتمان "كريدت سايتس" CreditSights.
    وعن أبرز ما لفت أنظار العاملين في أسواق الدين الدولية حول إصدارات الشركات في الأسواق الناشئة التي تمت حتى الآن، نقلت منصة "ريد" REDD المتخصصة في التحليلات المتعمقة عن أدوات الدخل الثابت في الأسواق الناشئة، عن مصادر مصرفية لم تسمها، حول قيام بعض المستثمرين بالخروج من بعض الصفقات "خلال مراحل بناء الأوامر/فتح دفاتر أوامر الشراء للسندات"، أن جهات الإصدار تقوم بتسعير الهوامش الائتمانية لسنداتها عند مستويات تتجاوز ما يراه المستثمرون كقيمة عادلة، في مؤشر على أن جهات الإصدار لا تضع علاوة سعرية كما يجري سابقا، وذلك بعد تحسن أوضاع السوق.
    وأضافت منصة "ريد" أنه "كنتيجة لذلك قام بعض المستثمرين بتغيير استراتيجيتهم عبر القيام بشراء تلك الإصدارات نفسها في الأيام الأولى من تداولاتها في السوق الرمادية، على أمل أنها تتداول دون قيمتها الاسمية".

    وحدة التقارير الاقتصادية

حقوق التأليف والنشر © غرفة الشرقية